الخميس، 28 يوليو 2011

على أعتاب ظلم


أبجدية العناء تلك التي تجرعَتْها ذات صباح.. يا فرحة النجاح تقلصي ويا روح التفوق اخسئي، فقلب الجامعة ملوثٌ بأطنان من الحقد والبغضاء..
ظلت تخطط لحلمها عدة أشهر وتُكَرِّسُ فيه جهدها.. سهرت الليالي ولم تنعم بنوم الظهيرة استأثرت بوقتها لأجله، واثقلت كاهل من حولها، ثم قصمت ظهرها أخبار النتائج (81ب) جيد جداً لمادة عامة لاتمت لتخصصها بصله.
تدخل غرفتها، وتصفق الباب خلفها، بينما تردد بعزم: (سأُكلمها)! تلمع الفكرة في رأسها، أحلام تلك الفتاة المتفوقة زميلتها في الشعبة.. لابد أن لديها رقم الأستاذة.
-         هل تظنين يا أحلام أني سأستطيع استدراك العلامة، إني محطمة ويائسة لقد بذلت أقصى جهدي في هذه المادة.
-         تحدثي مع الأستاذة واشرحي لها ذلك، سأعطيك رقمها.
يتصبب العرق منها وهي تمسح رقماً وتضغط آخر.. تراجعه بنظرها مراتٍ عدة، تحسم الأمر، وسبابتها تضغط على الزر الأخضر، يأتيها ردها بلا روح:
-         لكن درجتك مرتفعة جداً ، تقاطعها:
-    مستواي أعلى من ذلك بكثير ، وتذكر لها معدلها التراكمي، تكمل لاهثة:استدركي لي الدرجة أرجوك أو عَلٍّقي لي المادة لأدرسها في فصل دراسي آخر، ترد بتهكم:
-         تأكدي أني لم أظلم أحداً ورأيي في مستواكِ قد لا يعجبكِ، عوضكِ الله.
خفقات قلبها تزداد، وعزمها يتضاعف، (سأشكوها)!
* * *
تذهب للجامعة في صباح يوم عطلة.. تراها من بُعد خارجةً من القسم، تهتف باسمها في دهشة: أحلام!، تلتقي أعينهما. 
تهم بأن تسألها عن سبب وجودها, فتسبقها بقولها: هاه بشري ماذا فعلتِ.
-         سأقدم اعتراضاً على الدرجة.
-         صدقيني ستعودين بخفي حنين!
-         لن أيأس سأحاول، وبشتى الطرق.
تبتعد بخطواتها عنها وتكمل طريقها تقف عند الباب برهة، فيطالعها وجهها الصارم، تزَّور كلاماً في نفسها.. تتوكل على الله وتدخل.
تخاطب المسؤولة بصوت خافت:
-         لدي اعتراض على درجة إحدى المواد ، تقاطها بحزم:
-         من هي الأستاذة؟ تذكر لها اسمها وتندفع كلماتها:
-    لقد أجبت على اسئلتها التعجيزية بكل طلاقة، سوى فقرة واحدة شككت في صحتها، ثم صدمت بدرجة منخفضة لم أحصل عليها في تاريخ دراستي.
تتنهد، فتخاطبها وعيناها تتصفحان أوراقاً على مكتبها:
-         إن العلامة التي منحتها لكِ الأستاذة عالية مستحقة ولا يحق لكِ رفع تظلم.
-         إنها عالية بالنسبة لمن قرأت الكتاب دون أن تعي معظم مفرداته، لكني استوعبت كامل المنهج، وإن لم تصدقيني فاختبريني مجدداً.
 تنظر إليها وتبتسم بازدراء.
تسألها: أتريدين مني أن أقدم لكِ طلباً بفتح ورقة الإمتحان؟
-         نعم، أرجوك!
-    حسناً ولكني أحيطك علماً بأن فتح الورقة بمبلغ مالي، وبعدها سيتم مراجعتها من أساتذة آخرين وهم من سيقررون استحقاق درجتك، وغالباً ما تكون أقل من تلك التي اعترضت عليها.، تنظر إليها بذعر.. فتوميء برأسها وتقول بأمومة:
-         احمدي الله على كل حال وارضي بقضائه.
تشعر بدمعتها تنساب فتستأذنها وتخرج.
* * *
تعرض بطاقتها الجامعية للموظفة.. تلقي نظرةً على جدولها وتشق طريقها للمبنى الذي ستدرس به المحاضرة الأولى لهذا الفصل.
تمرُّ على قاعة تعرفها فيدهمها صوتها، تراها تحمل الكتاب ذاته الذي شهد خيبتها، وتقول لطالباتها:
-         هذا هو الكتاب المقرر عليكن، انتبهن معي جيداً، فإن طالبة حصلت على امتياز عندي لم أصادفها خلال تدريسي .
يرتفع ضغط دمها، وتصغي:كثيراتٌ هن اللاتي أعدن المادة لدي والتكرار يعلم الـ......
تتأمل طالباتها بشفقة فترى وجوهاً مألوفة وأخرى تائهة، تلمحها وسطهن تستمع للأستاذة بقهر عجباً، أحلام! ما الذي أجلسك هنا مرة أخرى، تخفض عينيها وصدى صمتها يتردد: (إني راسبة في المادة ذاتها يا عزيزتي).
                                                                                    تمت 
                                                                       كتبته : إكرام حسن العمري
 
* هذه القصة نشرت لي في مجلة حياة للفتيات العدد 123 وهذا رابط للإعلان عن العدد في منتدى المعالي 
http://forum.ma3ali.net/t731350.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.