الأحد، 24 يوليو 2011

فِطرة البُسَطاء

أستزيد من حبه الذي لا يتناقص .. أعشقه وأعشق طفولته الكبيرة تلك .. وأعشق جنونه , أتحسس أنامله الطرية وأحاول أن أعيد وسطاه المعكوفة لمكانها الطبيعي ,, فيسحب يده ويصرخ , أعتذر إليه , فيلوح بوجهه عني .. أمد يدي قائلة : نتصالح حمودي , نتصالح .. فيذهب تاركاً يدي تقبض الهواء .. أسير خلفه , أحدثه بأحاديثه التي تعجبه .. عن ذلك الولد الذي سرق سيارة أبيه , والآخر الذي سكب اللبن على الأرض .. فيقهقه , ابتسم فيتذكر غضبه ويعرض عني , أصرُّ على اكمال القصة فيقاطعني ويتم قصتي من خياله , يتلاشى غضبه فيقبض على كفي ويدعوني لزيارته في منزله , يأخذني للرواق الذي يفصل بين غرفة أختي الكبيرة ودورة المياة , أستأذنه بأن أجلس على كرسيه الخاص فيرفض , أهدده بأن أخرج من منزله فيرضى , يجلس معي برهة فتأتيه مكالمة على جواله البلاستيكي فيذهب ويتركني أتأمل منزله ودميته   , وعقلٌ في غياهب اللاوعي ,,
ولساني يتمتم: أحبك يا أحمد يا أروع لوحة خلقها الله عزوجل , وأذكى مخلوق في الدنيا !
إنك عبقري لأن عقلك مستمد من براءتك حين تفكر ببساطة وبروح نقية ,,    
مساء أمس تحلقنا حول أحمد وأملٌ قادم يلوح في مخيلتنا .. وإشراقةُ شمسٍ جديدة نناديها بإلحاح .. ويدٌ مرتجفة ترفع يديها للسماء فتسكن وقلوب واهنة مضطربة تدعو الله فتهدأ  ويبقى السؤال عما تخبئه الأقدار ؟ - إن ربك لطيف بعباده –
إنا نفتقدك يا أحمد , نفتقد ضرباتك الموجعة واعتذارك بعدها , وبسمة لاتفارق ثغرك .. نفتقد صوتك الجهوري ولكنتك المحببة , ونكاتك البريئة الرائعة , إنا نتحدث عنك ليل نهار .. فأين أنت لتمنعنا عن الحديث قائلاً ( لحد يجيب سيرتي ) وتتبعها بغنجة , فيقول لك أبـي مراضياً : لكنهم يمتدحونك ..
صغيري : لطالما أخبرتك أنك أميرنا وأنك إذا أردت شيئاً , فما عليك سوى أن تذكر اسمه ويأتيك في الحال , كم اشتقت لتدليلك , وتقبيل خديك , ومناقشتك عن آخر شقاوة أحدثها الصغار , يومٌ بدى لي كالدهر وأنت بين يدي الجراح في غرفة العمليات , وصورة الدماء في مخيلتي .. تسع ساعات مضت وبُشِّرنا بنجاحهم واستقامة عمودك الفقري .. ولن يرتاح لي بال حتى أصارعك , وأتأكد أنك الأقوى حين تصرعني !
*       *       *
نائم على السرير الأبيض كملاك , يتألم بصمت , يشكو بأنين لا يسمعه سواه , وإذا أفاق من غيبوبته نبادر إليه ونحييه بابتسامة عساها أن تخفف عنه الآلام
أوااه يا حَمُّود .. إنك تتجرع الآه صبح مساء .. اصبر يا أحمد (إن الله مع ... ) فيكمل بصوت واهن (مع الصابرين ) ويردف: سأصبر , نعم يا أحمد اصبر وسأقرأ عليك ..
-       اقرأي علي وادعيلي ,
حين  تتكلم بعقلانية فإني أشعر أنك إنسان سوي , أما حين تعطي النصائح فإنك تبدو كواعظ بليغ ! وأنَّى لعقلك أن يستوعب حكماً قلما يستوعبها عقلاء في ضعف عمرك ؟
*      *       *
(حمداً لله على سلامة أحمد ) , ترانيم نشدو بها منذ أن خرج أخي (المريض بنقص الأكسجين , وإعاقة ذهنية ) من العناية المركزة بعد شهر قضاه فيها , بعد عملية جراحية في العمود الفقري , وقضيناه نحن في الدعاء له وتجفيف دموعه .

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

منذ حياة وهذا الحرف يجيد بثّ حكايته داخلي وكأنني أحدكما؛ ربما لأن روحًا صادقة تقف خلفه..

دعواتي.

غير معرف يقول...

مجلة حياة هي التربة التي نبتت فيها بذرتي , لك ودي وتقديري ..

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.